البيئة المسممة (٢)

 


عندما تكون في بيئة مسيئة (أي مليئة بالإساءات) (سواء بيت أو مكان عمل أو دراسة) من المحتمل جدا أن تكون واقع تحت ضغط ناتج من إساءات متكررة وأنت لا تعلم .. فالبيئة كلها مسممة؛ وهذا ما يحدث:

أولاً: عقلك يرى بأن هناك شئ ما ليس على ما يُرام فيبدءا بالملاحظة وبتحليل الأمور وإستشعار أماكن التهديد.

ثانيا: تحاول أن تتصرف بشكل منطقي فتبدأ بالمحاورة مع الأشخاص أو الشخص الذي يسئ إليك محاولا إيجاد قنوات للتواصل بينكما .. ظنا منك أن هذا الشخص ربما لم يلاحظ تصرفاته معك والتي تضايقك.

ثالثا: تبدأ البيئة المسسمة (منها هذا الشخص وربما أصدقاؤه أو من يدعمه) في الإنكار والدفاع، بل وإلقاء اللوم عليك بالتعليق على تصرفاتك أو بتحليل دوافعك بطريقة تروق لهم بما يجعل صورتك ليست على ما يرام أمام المجموعة بل وأمام نفسك.


رابعا: إذا كنت شخص منضبطا ولديك تحكم في إنفعالاتك؛ ستعيد محاولات المحاورة ثانية لكي تكسبهم، وستحاول بطريقة لا واعية بأن تقاوم الصورة الخاطئة التي يصدرونها عنك و إتهاماتهم لك ولكن كل هذا سيشكل ضغط عليك حتى أنك تشعر أنك تريد أن تفعل معهم مثل ما يفعلونه معك ولكنك تخشى أن تنزلق في الحفرة التي حفروها لك.. لذا هذه المرة ستحاول بكل قوتك أن تثبت لنفسك قبل أي شخص أخر أنك لست مثلهم.


خامساً: عدم قدرتك للتعبير عن ضيقك وغضبك سيجعل جسد يشتكي أكثر، وستتراكم الضغوط حتى أنك ستشعر بخنقة لا تعلم مصدرها .. فلا يوجد من يتفهم غضبك؛ فأول عبارة ستقولها لنفسك "ربما أنا المخطئ أو ربما أنا أبالغ"


سادساً: مع أول إحتكاك أخر ستجد نفسك تدافع عن نفسك وتصرخ معبرا عن شعورك بالظلم.


سابعاً: تكون البيئة أكثر تلوثاً وتسمما عندما يكون هؤلاء الأشخاص مدعومون بمصدر سلطة يدعم سلوكياتهم بينما يوبخ غضبك ويقنعك بأنك لست طيبا كفاية أو صبورا كفاية (ربما لأسباب لها علاقة بأجنداتهم الشخصية التي لها أهداف لا تعلمها أنت) ... وهنا ربما يصاب عقلك بالصدمة وتصبح عاجز عن الكلام ربما لأنك إبتعلت أحكامهم التي كبلت أفكارك ومشاعرك وحريتك بل وإنسانيتك.

والأن إذا إستمريت في هذه البيئة المسممة فمن الأغلب أنك ستصاب بإضطرابات عصبية وجسدية بالغة .. ربما معها ستفقد أجزاء كبيرة من نفسك وروحك ... ولكن إذا خرجت من هذه البيئة سترى بعينيك أماكن التسمم وستدرك أن خروجك من هذا المكان كان لازم لنجاتك من موت محتم.


هذا ما أدعوك أن تنتبه له ... 

إذا شعرت بأنك بدأت في أن تفقد صوتك وكأن هناك ريا وسكينه يضعون قطعة قماشة مبللة على أنفك 😄 إبدأ بتقييم وضعك الحالي .. إبدأ في طلب المساعدة من شخص أخر خارج الصورة يساعدك على تقييم الموقف .. إبدأ بتقييم إمكانية هروبك .. نعم هروبك من هذا المكان لتنجو بحياتك ..

لا تسمح لأي شخص بأن يخرسك وأن يقنعك بعكس ما يحدث..

تنفس .. إهدأ وإسمع لصوتك الداخلي .. لا تخرسه أنت.. إنه لن يخدعك خصوصا إذا كنت تتدرب جيدا على سماع صوت الحقيقة.

إذا وجدت هذا الكلام ينطبق عليك؛ تأكد أني أعلم وأشعر ما تمر به جيدا ً .. وتأكد أن هناك نمو قوي جدا بعد هذه الصدمة؛ وهو ان تثق أكثر بصوتك و تفتخر بالخطوات التي قمت بها لتدافع عن نفسك ، بل وبالأصوات التي قد تكون قامت بدعمك .. هذا غير خروجك لبيئة أكثر صحة (أو ربما أقل تسمما) لكي تزدهر وتنمو فيها 🌷🌿🍃


دمتم مثمرين .. ومن التسمم محصنين

رابط الجزء الأول:

@Jackie_YG