لماذا تختار الموت ؟ إختر الحياة

 




مهما بلغ ذكاء الإنسان لأعلى درجاته، إلا أن درجات ذكاؤه العالية في التفكير والتحليل و ... لا يلغي حقيقة بأنه قد يكون أيضا غبي فيما يتعلق بأمور حياته وقراراته المصيرية !!

فالذكاء العقلي لا ينقذ الإنسان من قراره الغبي في أن يستمر في تعاسته وبؤسه ... نعم، فمهما بلغت الظروف من شدة وقساوة إلا أن التعاسة والشقاء هما قرارات إختيارية بإرادة الإنسان ..


العدو يعرف الثغرات الموجودة بعقولنا المسكينة، ويعرف أن الإنزلاق في الحزن والتعاسة أسهل بكثير من التطلع برجاء وفرح نحو المستقبل، لذا فهو يجس نبض فريسته .. وعندما يرى فريسته إبتلعت أول طُعم وإستلذته (نعم فالمخ يتعاون أسرع مع الأفكار السلبية من الإيجابية)؛ يبدأ في أن يملأ كأسها بأفكار تعيسة وسوداء .. فتشرب وتسكر وتترنح من فرط شقاوة وتعاسة تلك الأفكار ...


وعندما تفرع من الشرب تقدم هذه النفس المسكينة كأسها الفارغ مرة أخرى ليملأها العدو من جديد .. وفي كل مرة يغير إبليس نوع المشروب حتى يستطاب طعم الُسم للفريسة المخدوعة ... فيملأه مرة بذكريات مؤلمة .. مرة أخرى بصدمات .. مرة أخرى بمخاوف عن المستقبل وتصور تكرار الماضي .. وتظل الدائرة المفرغة تدور إلى أن يخنق ويقتل بالبطئ الفريسة المسكينة ، فالعدو لا يرحم.. يحب أن يرى فريسته معذبه وتقتل نفسها بنفسها.


بقدر مشاركتي بالحزن مع كل متألم ، وبقدر إيماني بدور المشورة في علاج ألام وصدمات الماضي، إلا أنني لن أستطيع إنكار الدور الإرادي للإنسان بفتح الباب لإبليس وللعالم الروحي بالتحكم في ذهنه؛ وبالتالي في حياته ومستقبله


حتى متى ستظل واقفا في مكانك تنتظر التعويضات من الناس الذين جرحوك ؟

حتى متى ستظل تغذي نار جرحك بمزيد من الذكريات والأسئلة التي لا إجابة لها الأن؟

حتى متى ستستسلم لصوت ذاتك المسكينة التي تنزف والتي تطالبك بجنون بأمور أكبر من إستطاعتك وإستطاعة الأخرين لتحقيقها ؟ متى سيكون لك انت السيادة على هذه الذات ؟ متى سيظهر صوتك أنت ؟

متى ستدرك أن لك دور وسط كل ما يحدث وأن القيام بهذه الدور له قدرة شفاء معجزية لجروحك ولتساؤلاتك؟! متى ستسعى لمعرفة هذا الدور؟ متى ستدرك أن إختباؤك في حجرتك لن يعفيك من قيامك بهذا الدور ؟

حتى متى ستظل في عداوة مع الشخص الوحيد الذي له القدرة أن يلمس جراحاتك بحب وتحنن ليغسلها ويشفيها ليسدد إحتياجاتك وليطلق جناحيك لتطير من جديد بقوة أكثر من الماضي ؟


ألا يكفي تمرمغك في وحل ألامك وشكواك من قسوة الحياة والناس؟
لك وحدك القرار أن تبقى سجينا سكيرا مترنحا من ألام الماضي ومن مخاوف المستقبل، أو أن تخرج منطلقا من جديد .. حتى لو كنت تريد ولكنك لا تستطيع؛ أطلب منه أن يعطيك قوة .. فالمفتاح في داخلك.. قوة القيامة بداخلك... فلماذا تختار الموت والتعفن في القبر؟ لماذا تختار الغباء ؟


ما وراء الإلحاد بالله

 



"الإيمان بالله قرار إرادي .. وليس قرار عقلي .. فالإلحاد بالله هو إختيار إرادي وراءه عدة دوافع منها: التحرر الجنسي والإنغماس في الغرائز ورفض للسلطة"

(من وحي تعليم د. ماهر صموئيل عن: غموض الله)

وأضيف: أن نسبة غير قليلة من الملحدين لهم خلفيات مليئة بالصدمات وبالتألم من سلطة قاسية مستغلة (غالبا أب أو أم أو رجل دين)؛ لذا فقاموا بإستخدموا إرادتهم لخداع عقلهم بوضع غشاء يمنعهم من رؤية كل الدلائل التي تثبت بوجود إله محب، هذا الغشاء يسمح فقط بدخول كل المواقف التي تثبت أن هذا العالم هو بلا إله يديره لأنه عالم بائس وقاسي وفوضوي وبلا معنى؛ الأمر الذي يزيد من قساوة وغلاظة هذا الغشاء حتى أنهم أسقطوا أنفسهم أكثر وأكثر في غرائزهم الحيوانية (لأنها بلا ضابط) رفضا منهم لأي وصية تثير بداخلهم الشعور بالذنب تجاه تعديهم على قدسية أجسادهم، وربما لرغبة خفية منهم للإنتقام من ذلك الإله الذين يعلنون عدم إيمانهم به بينما هو في داخلهم غاضبون منه ويريدون محاكمته لما سمح به من ألام في حياتهم (فهو في عيونهم المتهم الأول لكل ما حدث لهم)، أو ربما لغباوة وضعف حجة عقولهم عندما يعتقدون أنهم يستطيعوم بعقولهم المادية الفانية أن يدركوا إله ذو طبيعة روحية غير ملموسة.

وبينما هم يحاولون الهرب من هذا الأحساس الأليم بالذنب ويجاهدون لإقماع صوته؛ إذ بهذا الإحساس يدفعهم بقوة لعمق دوامة النجاسة والممارسات المادية، فيخنقون أرواحهم بإرادتهم ، تلك الأرواح التي خُلقِت حرة من نفخة إلهية داخل جسد إنساني ترابي ليكون سيد الخليقة وسيد على نفسه بإستخدام إرادته الحرة التي لم تعد حرة لأنها اصبحت عبدة لمجموعة من أحاسيس اللذة والنشوة المؤقتة والتي تجلب بعدها مشاعر دفينة بالألم والموت البطئ الذي يسري في كل الكيان ليتأكل كل الوجدان ويتحلل بينما مازال يتنفس.

هل من أمل؟
الأمل الوحيد هو قرار فوري بتغيير المسار .. بمواجهة الألام وإلا سيظل هناك المزيد من النزيف والألام .. بتوجيه الإرادة التي سقطت لتقوم بدورها مجددا في توجيه الأوامر للعقل الذي تشوه وتم برمجته لصالح مملكة الظلمة؛ ليتكاتفا سوية في تقديم صرخة للإله لكيما يقوم بإرسال نعمته (والتي سبق وأرسلها كثيرا مسبقا للحث على الإستيقاظ) لإنقاذ تلك النفس من الهوة السحيقة التي سقطت بها .. وليبدأ روح الله عمله في سكب الزيت على الجروح وفي إستئصال ما يجب إستئصاله وتجميل ما تم تشويهه وإدخال نور الحق لغسل ذلك المخ المظلم .. فتتجدد تلك النفس بمجرد خروجها من تحت سلطان رئيس هذا العالم الذي يسعى جاهدا بكل قوته ليجعل البشر ينهون حياتهم بأيديهم ... لأنهم بالفعل كانوا في الأساس مائتين ويتنفسون الجحيم ، بل سيساعد ويقوي  إرادتك لتوجه غضبك نحو عدوك الحقيقي الذي أراد أذيتك ؛ فتنتقم منه بنشر الحق وتسليط الضوء على الأفعال الأثيمة التي يفعلها البشر تجاه بعضهم البعض بمحض إرادتهم تنفيذا لرغبات إلههم الذين إختاروا أن يعبدوه ... فالإنسان لابد أن يعبد إله ما (لأنه كائن مخلوق) إما أن يعبد الإله الحقيقي أو أن يعبد عدوه الحقيقي.

  " إستيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح "
لقد خُلقت لتكون سيد وليس عبد ..إنسان زليس حيوتن غارق في غرائزه
كفى خداعك لنفسك .. كفى تمرمغك في وحل الماضي الأليم الذي تبرر به هروبك من الحياة .. لا تذهب لحضن الموت، فهو لن يرحمك ولن يعتقك

يكفي الزمان الذي مضى ... إذهب الأن لمن هو منتظرك لينقذك وليحييك من جديد .. سيغسلك من دمك وسيكتب لك عهد جديد .. عهد مكتوب بدمه الذي دفعه ليسترك وليستردك وليشتري لك حريتك التي كان من المستحيل أن تدفع أنت ثمنها لتمتلكها.

في النهاية أقول: أن الإلحاد بالله لا يقل خطورة عن الإيمان الشكلي والمزيف، والذي يستخدم فيه المؤمن الله لخدمة وإشباع رغباته الشخصية، وهذا أخبث بمراحل من الملحد الذي أعلن بوضوح وجراءه أنه لا يؤمن، فالإثنين هما إلحاد بسلطان الله وبعبادة الذات.

ربما سأكتب عنه في مرات قادمة