أحزان حية أم مدفونة ؟



المتعارف عليه هو أن ننعي وننوح على وفاة أشخاص أحباء إنتقلوا عن عالمنا ...

ولكن هناك أيضا أشياء أخرى لا نتوقف عندها لنبكي وننوح عليها رغم أن آلامها وشرعيتها لا تقل عن آلام وشرعية الوفاة، مثل:
١- غياب الدور العميق للزوج أو الأخ أو الأم أو الأب رغم وجودهم (نتيجة اي إعاقات نفسية أو جسدية أو صراعات أو خيانة ..إلخ)
٢- الحرمان من الأطفال أو الإجهاض
٣- الحرمان من التمتع بعلاقة إنسانية حقيقية حميمة
٤- الحرمان من الإنتماء لمجموعة أصدقاء داعمة ومثرية.
٥- الحرمان من الإنتماء لمجتمع يحترم ويحمي ويعضد الحقوق الإنسانية لكل فئة من فئاته.
٦- حرمان من يتعرضون لإنتهاك جنسي من دعم الأقارب والأهل وتفهمهم وإحتوائهم.
٨- حرمان الشخص الذي يصفه المجتمع ب(الأصغر أو الأضعف) من الشعور او التعبير عن الغضب ضد المسيئين الذين إنتهكوا الأخرين والذين يصفهم المجتمع ب (الأكبر أو المحترم) (سواء عم/خال..إخ- كاهن /شيخ - دكتور ...إلخ)
٩- حرمان الكثيرين من رؤية تحقيق أحلامهم المشروعة .. وآلام الإحباطات المتتالية.
١٠- حرمان الشباب من التمتع بوجود وظائف محترمة تشبع طموحاتهم وأحلامهم.. تغذي مواهبهم وتنميها ..بها قيادات إنسانية ناجحة .. وليس فقط أشغال تمتص كل طاقتهم النفسية والذهنية والبدنية ..

وأضيف الحرمان الأصعب الذي يفرضه الكثيرين من المتخلفين والجهلاء على من يبكوا على وفاة حبيب:
١١- ألا يعبروا عن مشاعرهم الإنسانية وكبتها دفنها مع المنتقل تحت شعارات روحية مثل: (معلش . هو في مكان أفضل / أو هو هيزعل دلوقتي لو فضلتي تبكي كدا / 
أو زغرطوا هو قام !!!!! ... أترك لكم إضافة بقية العبارات المسيئة) ، بل وحرمان بعض الأشخاص من توديع المنتقل والذهاب للجنازة أو الدفنة بدافع الحماية .. فتظل صدمة الوفاة حية في عقل وجسد الشخص ..تظل معاشة حتى أن الشخص نفسه يظل يعيش الوفاة ويتوقف عن أن يعيش الحياة !!

بالتأكيد هناك أمور أخرى كثيرة يمكن أن نضيفها على القائمة..
نحتاج أن نقف لنبكي وننوح على الإحتياجات الغير مسددة نتيجة الحرمان من كل هذه الأمور ..

فقط عندما نعبر وننوح ونخرج كل إنفعالاتنا ..سنستطيع في الوقت المناسب أن نستقبل التعزية .. وسنستطيع أن نبحث عن بدائل وطرق أخرى مشروعة لتسديد الإحتياجات التي خسرناها بدلا من أن نظل جامدين ومتصلبين في أماكننا منتظرين أن يتم تسديد إحتياجاتنا فقط بالطريقة التي في أذهاننا.

فلنكن معزين رحومين ..متبصرين بآلام من حولنا وشفوقين. ولا نكن معزين متعبين
فليسندنا الرب وليعزي قلوب الجميع.

~ من وحي الواقع المؤلم ممزوج بكورس عن مشورة الفقد ~


No comments:

Post a Comment