‎من ‏يشد ‏خيوطك ‏؟


"إرتكب المعالجين النفسيين أكبر جريمة عندما إعتبروا أن شغلتهم هي أن يجعلوا الأخرين يشعرون أن كل شئ على ما يرام To feel good ..وليس أن يجتهدوا ليكونوا ما ينبغي أن يكونوه" / عالم النفس چوردون بيترسون 

وأنا أقول:
أنت مسؤول عما تؤمن به وتمارسه .. لا تسلم نفسك تماما لأي معالج نفسي أو مشير ..نعم الثقة مطلوبة وهامة في الرحلة المشورية .. ولكن المشير الحقيقي ليس دوره أن يقول لك رأيه الشخصي في معتقدات معينة .. لأنك إن كنت تثق به فلابد من أن رأيه سيؤثر بالتبعية على رأيك .. وليس هذا دور المشورة الحقيقي .. فالذين يجلسون معك تدفع لهم مبالغ حتى يقولون لك رأيهم أو يحكوا لك خبرات من حياتهم لا يمثلون المشورة التي يعرفها العالم الغربي مؤسس علم المشورة This is NOT professional Counseling .. قالت لي إحداهما مرة إن ما أقدمه لكي مثل "صداقة مدفوعة الأجر !!!!" . نقطة. 
 
دور المشورة هو أن يرافقك المشير في رحلة إكتشاف نفسك الحقيقية التي ربما تكون تاهت أو إنطمست تحت وطأة الأحداث الصادمة والمؤذية .. مرافقة تطمئن قلبك المتألم وسط بطش العلاقات الغير ناضجة .. طمأنه تعطيه الشجاعة حتى يأخذ خطوات ناحية طريق الحرية الحقيقية من الخنوع لكل الأطراف والقناعات الشخصية التي يفرضها عليك الأخرون والتي تتنوع تحت مدارس كثيرة مختلفة كل حسب مزاجه ودرجة نضوجه .. إنها ليست حرية من الإلتزامات أو من الإقرار بما هو صواب أو خطأ ..ولكن حرية لتسترجع كرامتك كإنسان لتميز أنت بعيون مستنيرة ما بين الصواب والخطأ .. فلا تسير مع القطيع الذي يقول أن كله حلو ..كله جميل .. كله صح !! وكله بالعلم أو بالدين !! حرية لتدرك قيمتك بعيدا عن أداؤك وعن تقييم الأخرين لك .. حرية من إكتساح الألم لك بصورة تجعلك لا تتمكن من الإستمتاع بالحياة .. وليس لتحريرك تماما من ألمك أو من صراعاتك وتوترك .. فقليلا من التوتر يساعد على الإبداع والتقدم الخلاق للأمام .. 

إحذر يا عزيزي ..فالمعلمون الكذبة كثيرون... والنصف كذبه أكثر وأكثر ..فهم من يضعون لك السم في العسل .. إحذر من كل تعليم يجعلك تجري وراء الإيجابية الخادعة هربا من الألم .. ومن يجعلك تجري وراء اللذة بحثا عن المتعة والشعور الجيد هربا من الجهاد وضبط النفس وتحمل المسئولية.. فهم بذلك يجردوك من إنسانيتك ويمنعونك من كل فرص النضوج وأنت لا تدري .. فتاريخ البشرية كله يثبت أنه لا نضوج بدون ألم الجهاد وضبط نفس .. وهنا بالتحديد سيأتي متطرفون ليدفعونك ناحية اللذة والمتعة فقط بإسم الحرية وحب النفس .. وسيأتي من الناحية الأخرى متطرفون أخرون ليدفعونك ناحية الكبت وجلد الذات وتحريم الإستمتاع تحت نفس المسميات !!

الحياة نفسها يا عزيزي هي متعة ممزوجة بالألم .. حرية تحميها ضوابط .. ومن يريد أن يستمتع حقا بها لابد أن يقبل هذا المزيج .. والملاحظة وحدها كفيلة بأن تجعلك ترى العذاب الذي يعيش فيه كلا من المتطرفون من الناحيتين .. 

والإنسان نفسه هو مزيج بين عالمين مختلفين ومتضادين .. شر وخير .. تقوى وفساد .. فالعاقل هو من يعترف بمحدوديته وبميوله ناحية الخطية وكل الطرق المؤدية للشر حتى يتمكن من قبول النعمة التي تعينه على الإستمتاع مع ضبط النفس .. السعي نحو الخير مع الجهاد ضد الشر .. الحرية الداخلية مع قبول كل المحدودية البشرية .. النعمة التي تقبله كما هو وتعينه ليتعلم كيف يقبل ذاته كما هي .. ولكن في نفس الوقت قبول يدفعه ناحية التغيير ليكون أفضل نسخه من نفسه! 

دمتم متزنين وللتعاليم المختلفة مميزين وفاحصين 🌷

No comments:

Post a Comment