بجوار بيتي حضانة ..
في الصباح الباكر ووسط استمتاعي بوقت هادئ قبل خروجي لدوشة العالم سمعت في يومين مختلفين صرخة طفل بحرقة .. أتوقع أنها نتيجة إنفصاله عن أهله وذهابه للحضانة .. إنها صرخة الإنفصال .. وجاء لذهني إنها الصرخة الأزلية منذ إنفصال الجنس البشري عن الله .. الأب.. المصدر .. الحضن .. الأمان..
ومنذ تلك اللحظة (لحظة الإنفصال) ضرب القلق وإضطراب التعلق كل الجنس البشري .. فيولد الطفل وليس لديه أي يقين أنه محبوب أو إنه مرغوب فيه .. لذا يحتاج الطفل بشدة إلى والديه لتوكيد ليس فقط ذاته، بل وجوده من الأساس ..
(للإستماع لبعض النصائح في التربية: اللينك 👇)
ومنذ تلك اللحظة البشرية كلها تبحث عن ذلك الحضن ..عن الأساس .. عن المعنى ..
وللأسف هناك من يلقون بأنفسهم في حضن الانترنت والسعي الحثيث لنوال الاعجاب من الأخرين، وهناك من يلقون أنفسهم في حضن المخدرات (والعدد يتزايد)، وهناك من يلقون بأنفسهم في حضن الجنس، وأيضا من يلقون بأنفسهم في حضن الموت (الإنتحار).. ولكن يا لخيبة أمالهم عندما يفاجئون أن هذه الأحضان لم تشبعهم ولن تهدئ الصرخة.. صرخة الطفل الجائع جدا بداخلهم .. بل على العكس ..تزيد من الفجوة بين أنفسهم التي خلقت لتشبع ولتستمتع بالعلاقات وبين مصدر شبعهم .. الحضن الأساسي للثقة .. بل وتوسع الفجوة بينهم وبين أنفسهم الحقيقية التي لم تكتشف لأنه لم يتم إكتشافها من قبل الموكلين من الله لمساعدتهم على ذلك، ألا وهم الأب والأم .. بل وربما لن يكتشفوها حتى ولو وصلوا لسن ال ٦٠ (إن وصلوا لذلك السن) إن لم يقوموا هم بالقيام بدروهم في تحمل مسؤولية إكتشاف أنفسهم التي تشوهت وطمرت تحت أكوام الرسائل المشوهة والسلبية عن أنفسهم، وعن الله، وعن مستقبلهم.
إنها الأن ساعة لنستيقظ من النوم ونلتفت لصراخ الناس من حولنا ..بل ولصراخ أنفسنا من الداخل ، لنأخذ خطوات صحية تجاه أنفسنا وتجاه الأخرين في علاقاتنا.
No comments:
Post a Comment