الشفاء حينما لا يوجد شفاء..



 أحيانا بسبب تصورنا لمفهوم الشفاء والتغيير بصورة معينة في أذهاننا (سواء بزوال المرض ، أو بتغيير وضع مزعج معين) نظل منتظرين تحقيق هذه الصورة، فنصاب بقلق وربما حزن ويأس لعدم تغيير الوضع ولطول الإنتظار.
ربما يوجد مفهوم أخر للتغيير وهو تغيير إتجاهاتي وتوقعاتي أنا الشخصية تجاه الوضع الذي لا يتغير .. عندما أتقبل الوضع كما هو ولا اسمح له بأن يكتسحني وأن يدوس علي بأقدامه فلا أتمكن من التنفس وإستنشاق عبير الحياة بحرية.

أعتقد أن التشكيل يحدث عندما لا يتغير الوضع بينما نتغير نحن. نعم هذا مؤلم، لأننا دائما ما نفضل أن ننعم بالراحة والسكينة والشعور بالإثارة لتحقيق المشاريع والأحلام، لكن من قال أنه عند تغيير الوضع الخارجي سيعم الراحة والسلام بينما الداخل مازال مضطرب وغير مشفي؟ ربما فقط عندئذ (عندما يحدث التغيير الداخلي) سأستطيع أن أستمتع عندما يحدث التغيير الخارجي، أو ربما سأوجد بدائل أخرى إذا لم يتغير الوضع الخارجي

لا يوجد في الحياة ما لا يتغير .. ولا توجد عبارة: "لا يوجد شفاء" ، فالإنسان مخلوق ولديه قدرة إلهية مبدعة في التكيف والتغيير بغض النظر عن الأوضاع الراهنة، فسمعت كثيرا مثلا عن مرضى بالسرطان تحدوا المرض بأن قبلوه وقبلوا حقيقية فناء الحياة، فحدث التغيير والشفاء بأن عاشوا مستمتعين بكل يوم من أيام حياتهم إلى أن : إما شفوا جدسيا بزوال المرض (لقوة تأثير العامل النفسي على المرض) ، يا إما شفوا أبديا بإنتقالهم من هذا العالم وهم فرحين ومستعدين.

وهذا يذكرني بصلاة السكينة لـ  رينولد نيبور Reinhold Niebuhr:
"يارب امنحني السكينة لكي أقبل الأشياء التي لا أستطيع أن أغيرها، والشجاعة لأغير الأشياء التي أستطيع أن أغيرها، والحكمة لأعرف الفرق بين الاثنين." --


لذا أتالم كثيرا عندما أرى أناس حياتهم توقفت منتظرين تحسين الأوضاع ، وتوقف قلبهم عن النبض عندما ظنوا أن أحلامهم قد ماتت لسبب طول الإنتظار، وهذا فخ نقع فيه جميعنا أحيانا.... لذا أذكر نفسي وأذكركم بأنه: ينفع أتغير وأتوقع التغيير حتى وأنا في إنتظار.
أصلي من قلبي لكل من طال إنتظارهم لتغيير الأوضاع ولأن يُشفوا لكي يجدوا التغيير والشفاء أولا في أرواحهم وأذهانهم ونفوسهم؛ حتى يختبروا معنى الشفاء الحقيقي الذي لا يزول، بل يدوم للأبدية.
#شفاء #تغيير #ألم #تحرير

No comments:

Post a Comment