كنت اشاهد فيلم إسمه Lion مأخوذ من قصه حقيقيه عن طفل هندي ضل طريقه وتاه بعيدا عن امه وعن اخيه يدعى (سيرو) ... هذا الطفل الفائق الذكاء والذي كان يعيش في مكان بسيط للغاية ظل يترحل من مكان الى مكان، الى ان دخل مكان أشبه بالسجن ..ومن هناك تم ترحيل الى اسرة استرالية قامت بتبنيه.
تناول الفيلم ببراعة التحديات الصعبة التي واجهت هذا الطفل، ووقع هذه الأحداث المؤلمة عليه مجسده مشاعره الداخليه الحساسة والتي كانت تقفز من عيني الطفل البطل رغم صمته في أغلب المشاهد، أيضا جسد الفيلم معاناته بعدها بعشرات السنين عندما كبر بينما ظلت خيالات وذكريات الماضي لا تفارق عقله .. حتى اصبح مشوش الذهن ومشتت ... يتواجد بجسده في الحاضر مع حبيبته ووالديه الإستراليين في الحاضر، بينما يقضي أغلب اوقاته يبحث في الماضي لعله يعثر على مكان نشأته الذي لم يجده بسهولة على خريطة جوجل لأنه كان يحفظ إسم المكان مثلما كان ينطقها بطريقته الخاطئة عندما كان طفل.
جسدت صراعات بطل القصة ما يحدث داخل نفوسنا وعقولنا ... عندما يمزقنا الماضي بسبب قصته الغير مكتملة ...او لنهايته المأساوية والتي كانت عكس توقعاتنا .. أو لشعورنا بالذنب تجاه شخص ما كنا نود ان نعبر عن مشاعرنا تجاهه .. فتظل تلك الاحداث تقفز لعقولنا .. وتنهش بالقلق والحزن والتوتر في نفوسنا لأنها لم تحمل النهاية التي أردناها أو تمنيناها ان تحدث..
فظل شيرو يبحث ويبحث ويتوه اكثر ويكتئب .. فتباعد عن حبيبته...بل وعن أمه التي قامت بتربيته والتي كانت تحبه من كل قلبها الذي تألم من حزنها على إفتقادها له ولوجوده بجانبها.
إلى ان تمكن من الوصول إلى مكان نشأته، وإستيقظت عشرات الذكريات أثناء رحلة عودته لمقابلة امه وأخيه، إلى ان وصل وتقابل مع أمه الحقيقية، بينما وجد أخوه قد فارق الحياه.
ويظهر من صاحب القصة الذي جمع ما بين أمه التي ربته و أمه الحقيقية والتي علم منها أنه كان أيضا ينطق إسمه بالخطأ (إسمه الحقيقي شيرو Sheru ..بمعنى أسد Lion ) أنه نجح في العثور على إجابات للأسئلة التي كانت تمزق ذهنه المنهك في البحث والتفكير، وأنه تمكن من كتابة الجزء المتبقي من قصة حياته بطريقة تختلف عما لو كان إستستلم ..سواء إستسلامه كطفل لظروفه الصعبة بتمكنه الهروب من أماكن خطر كثيرة، أو إستسلامه كبالغ لظروف مرفهة وسهلة .. حصل فيها على أفضل تعليم وأفضل مستوى معيشة.
وهنا توقفت لأتساءل...
- ماذا لو كانت قصتنا مختلفة عن شيرو ..بحيث لن نتمكن من مقابلة أشخاص تركناهم في الماضي لنعيد شملنا بهم او لنعبر لهم عن مشاعرنا تجاههم?
- ماذا لو كان البحث في الماضي لن يعطينا إجابات شافية مثلما حدث مع شيرو ، بينما قد يدفع بنا إلى حافة الإكتئاب والإنهيار النفسي ? (أقصد ألا نقول انه يجب وحتما ولابد أن نحصل على أجابات، فقد لا يحدث)
- ماذا لو سمحنا للذكريات او الاحداث المؤلمة (والتي لم نشفى منها) أن تسلب مننا جمال الحاضر ومتعته، وتجعلنا نسجن أنفسنا فيه، بل وندفن أحباؤنا الذي معنا في الحاضر أحياء ببعدنا عنهم وبعدم وجودنا بجوارهم بكل كياننا ووجداننا في كل ظروف حياتهم?
- ستبقى قصة كل شخص فينا مختلفة ومميزة بدون تكرار، ولكن ستبقى هناك حقيقية واحدة واضحة وضوح الشمس ومكررة في كل قصة، وهي:
ربما لم تكن مسئول عما حدث لك في الماضي، او لم يكن في يدك القدرة على فعل شئ لإنهاء الأحداث كما أردت بأفضل صورة ممكنة تناسب الجميع، او كما كان سيروق لك..
لكن تذكر أنك أنت هو بطل قصتك .. أنت الذي تقرر ما ستفعله وما الذي ستتضمنه المتبقي من قصة حياتك ... طالما مازلت تتنفس، إذا مازال هناك القلم في يدك لتكتب ... لا أتحدث هنا عن دور الله في كتابة قصة حياتك وعن ضرورة تفاعلك وتعاونك معه في كتابة هذه القصة، فهذا ليس مجال حديثي الأن وإن كان هذا جزء اساسي ومحوري في تعديل مجرى الأحداث، ولكني أتحدث عن مسئوليتك في تعلمك من الماضي، وفي إتخاذك القرارات الحكيمة التي تساعدك ألا تظل حبيسا له ... قرارك بالتواجد والعيش بكل جوارحك في الحاضر .. وفي التخطيط والتصميم للوصول لأهداف سامية ونبيلة في المستقبل بإستخدام ألمك وقلمك ..
إبتسم ، فأنت مازلت تتنفس ..
عش ، فكل يوم هدية من الخالق ..
إحلم، فليس عليك ان تظل حبيسا للماضي، تعلم منه وإنطلق لتبني جسور في الحاضر يكون لها دور فعال في المستقبل في الربط ما بين أجيال وشعوب وأجناس مختلفة.
@ Jackie.Y.G
Movie trailer :
شكرا جدا جدا ع البلوج دة ❤ كلامك صح جدا ❤ بنحتاج كتير حد يفكرنا منعششي في الماضي.. ❤❤❤
ReplyDeleteميرسي ساندرا لكلامك المشجع ولروحك الجميلة <3
Delete