هل أنت من علموك إياه ؟!! أم أنت من تكون ؟!



من إحدى الأمور التي أشكر الله عليها في هذه المرحلة من حياتي هو مساعدته لي لغربلة ما تعلمته .. لإبقاء التعاليم الصحيحة والتي إختبرتها وكانت مثل الذهب وساعدتني في مسيرتي .. ولإلقاء الطوب أو الزلط الذي يعطل مسيرتي.. وهذا يجعلني مديونة لله في حياتي ..وليس لأي شخص أخر (بخلاف طبعا مرشدي الذي يستخدمه الله ليساعدني في التنقية والتمحيص، وخطيبي الذي يساعدني جدا بحواراتنا حتى نبحث ونفهم ونتعمق في فحص وفهم الأشياء من جوانب مختلفة) 

وأود أن أشارككم بإحدى التعاليم التي سألقيها بعيدا عني لعدم صحتها (رغم تقديمها في صورة تبدو منطقية .. ولكن بعد بحثي أراها غير صحيحة في المطلق حيث يجب وضعها وسط شروط معينة لنقول إنها صحيحة):

 "أنك أنت وحدك المسئول عما تشعر به" 

عبارة يتداولها معلمو وممارسو المشورة والعلوم النفسية .. فمثل المعادلة المشهورة التي يعلمونها في العلاج المعرفي السلوكي (أنت تشعر وفق ما تفكر فيه، فراقب أفكارك عندئذ ستعرف لماذا شعرت بما شعرت به) .. فالحدث الخارجي الذي وقع لك ليس هو بالضرورة ما تسبب في شعورك هذا، لأن الأهم هو كيف كان تأثيره على عالمك الداخلي من أفكار ومشاعر ..إلخ

تعليم غاية في الخطورة لأنه يحمل جزء من الصحة .. ولكنه ليس كل الحقيقة !!!

نعم .. فما لا يعلمونه كثيرا هنا هو كيفية التعرف على تكوينك وطبيعتك المتفردة كإنسان .. فأخذنا نطبق قواعد عامة على الكل بغض النظر عن طبيعتهم الفطرية .. والتي يدخل فيها أمور كثيرة منها:

👈 وجود خلايا عصبية في مخك تعرف بالخلايا العاكسة Mirror neurons والتي كثير ما تعكس حركات توترات و إنفعالات من حولك ..وهذه موجودة لدينا جميعا .. وهي عندما ترى حركة ما أمامك فتشعر وكأنه جسمك يميل مع هذه الحركة .. أو عندما تنفعل عاطفيا مع شخص ما ..في كل هذه الأحوال العلماء وجدوا نشاط في هذه الخلايا عندما يحدث شئ أمامك وكأنه يحدث معك تماما.

ولكن هناك أشخاص تكون لديهم هذه الخلايا فعالة وحساسة أكثر .. وهم ما يطلقون عليهم ال Empath .. والذي ليس لديهم فقط تعاطف (Empathy) ..لأ.. هم نفسهم Empath .. وهؤلاء يوجد منهم أنواع ..فمنهم من لديه حساسية فطرية شديدة ناحية الأخرين (يشعرون بهم وبكلماتهم الغير منطوقة) .. وهناك من لديه تجاه الأصوات (فتجدهم مثلي يسمعون أدق الأصوات ويتعبون جدا من الصوت العالي). وهناك من لديه تجاه الطبيعة .. والحيوانات ..إلخ .. وهؤلاء هم عادة الذين يحملون على عاتقهم مساعدة الأخرين والرغبة في إنقاذ وتحسين العالم ..ليس لأنهم يلعبون دور المنقذ أو لديهم إعتمادية - التعليم الناقص والغير كامل والذي ينتقص ويشكك من الطبيعة الفطرية النادرة التي لهؤلاء .. ولكن لأنهم بالحقيقة لديهم أعلى نسبة تعاطف يمكنك أن تجدها .. فهم ليسوا ضعفاء ولا حساسين بزيادة (بالصورة التي يتصورها البعض كضعف) .. ولكن لقوة كيانهم الوجداني يشعرون بكل شئ وكأنه يحدث لهم ..حتى أنهم معرضون للإنهاك النفسي والجسدي إذا لم ينتبهوا ليضعوا حدودا صحية لنفسهم ويمارسوا ما يجدد طاقتهم الداخلية Self-care activities. 

وللعلم أن الخلايا العاكسة هذه Mirror neurons تكون نشطة جدا في الطفل؛ مما تجلعه يتأثر بشدة من تصرفات وإنفعالات من حوله، أيضا تساعده على تقليد الأخرين وإنعكاس إنفعالاتهم وسلوكياتهم. ويأتي هنا دور الأم عندما تستخدم نفس الخلايا لديها لتعكس تعبيرات وجهه طفلها وتعبيراته فيحدث بينهم الرابط النفسي الذي يساعد على نمو مخ الطفل نمو صحي ، ويساعده ليكون شخص متعاطف عندما ينمو .. بينما إهمال إنعكاس الأم لتعبيرات طفلها، وإهمالها لضرورة تلاقي نظراتها ووجهها مع نظرات وعيون طفلها يؤثر بالسلب على هذه الخلايا من دماغ الطفل... فيضعف دور هذه الخلايا .. حتى أنهم وجدوا أن كثيرين من المجرمين والذي يطلقون عليهم ال Psychopath ، أي الذين لديهم تاريخ من الإضطراب المرضي هذه الخلايا لديهم غير فعالة مثل الأخرين، والتي أيضا أتصور أيضا أنها نشطة جدا لدى الفنانين الذي يستطعون بسهولة أن يتقمصوا أدوار أخرين، أو أن يشعروا بقوة بأعمالهم الفنية (والتي بالطبع تلعب معها عوامل أخرى في التكوين والنشأة)

هؤلاء بالفعل قد يكونوا المنقذون الحقيقيون لكثيرين .. وهؤلاء من يحتاجهم العالم بالفعل .. لأنه إن كان العالم يحتاج الأن نوع معين من البشر ليصير عالم أفضل، فهم هؤلاء .ولربما كنت انت واحدا من هؤلاء ولم تكتشف ذلك .. فنعم أنت شخص طبيعي... طبيعي جدا ولكنك عملة نادرة. 

👈 الحقيقة الأخرى أن مخنا يعمل بناقلات عصبية كهربائية Electrochemical Neurotransmitters .. وهذا معناه ببساطة أننا نتأثر بذبذبات من حولنا من أشخاص .. وأيضا بما نسمعه من أصوات ..نعم طبيعي أن كل حدث خارجي يتفاعل مع ما هو موجود بالفعل داخليا، ولكن أيضا من الطبيعي أن نتأثر  ونشعر أحيانا بأمور معينة .. دون أن نفهم لماذا !! 

إبتسمت بشدة عندما جاءت أمامي الكلمات التالية لكارل روچرز نفسه Carl R. Rogers في كتابه الرائع "طريقة حياة" عندما قال:
"لكن الواقع هو أن الشخص الذي أنا عليه في مجموعة دافئة ومهتمة يختلف عن الشخص الذي أكونه في جو معاد ( به عداوة) أو بارد"
إبتسمت لأن هذا ما إختبرته وأختبره .. فكم من المؤلم أن يتم تقديم التعليم بصورة جامدة تنتقص من بشرية وطبيعة الإنسان الديناميكية المتفاعلة وأيضا المبدعة والفردية جدا .. وتجعله مجرد قالب صامت:
"لو شعرت بكذا يبقى عشان طريقة تفكيرك .. مش عشان اللي بيحصل خارجك !!!!!" ما هذا !!! نعم نحن مسئولون مسئولية تامة عن ردود أفعالنا .. ولكن كيف نختذل كل التفاعلات الوجدانية الإنسانية المعقدة والمركبة في مثل هذه العبارات والمعادلات فقط ؟!!

ولعلي بهذه الكلمات أحث كل من يقرأ كلماتي أن يبحث دائما عن الحقيقة ..حقيقته هو ..يبحث فيما وراء ما يسمعه ولا يقف فقط عند الكلمات التي يتم تعليمها .. حتى ولو كان كل من حولك يقولونها ويعلمونها بل ويحكمون عليك ويشخصونك من خلالها !! .. ثق أنه هناك حقائق أخرى لم تكتشفها بعد .. ثق أنه مثلك مثل كارل روچرز وغيره من العلماء الذين أضافوا بصماتهم في رحلة المشورة والعلاج النفسي ..نعم ..أنت لست أقل منه ..فقط لا تدع نفسك للقيود حتى وإن كانت تبدو دروس نافعة وقواعد وقوانين مثبته منذ سنوات ..حتى وإن كانت كلماتي هذه مقيدة لك .. إنطلق للغوص في البحث بنفسك .. طبعا بقلب متضع طالباً الحكمة وتحت إرشاد ..عندئذ ستكتشف ما سيدهشك ..لأنه فيما تبحث ستكتشف نفسك ..وستكتشف بصمتك الفريدة جدا... وأنت لست مجبر أن تثبت لأحد إكتشافاتك .. فلربما فقط دورك هو حث الأخرين على البحث بأنفسهم. 

للقراءة أكثر عن موضوع الشخصيات ال Empath ..إبحث عن :
# Judith Orloff (Empath people):
https://drjudithorloff.com/

# About mirror neurons:
https://www.psychologytoday.com/us/blog/all-about-addiction/201907/look-in-the-mirror-neuron-empathy-and-addiction

https://www.medicalnewstoday.com/articles/321839

@Jackie.Y.G.I

No comments:

Post a Comment