الدائرة المفرغة



* يصرخ الطفل طلبا للطعام والحضن والأمان  
* ثم يكبر ليصرخ طالبا لإثبات الذات والإستقلالية  
* ثم ينطلق طالبا النجاح والتفوق في الدراسة

كل هذه إحتياجات أساسية مشروعة لا يوجد بها مشكلة .. ولكن المشكلة هي عندما يظل الإنسان يلهث في دائرة إحتياجاته متوقف نموه عند مرحلة الطفولة:

*فيذهب للعمل طالبا إثبات ذاته بل وقيمته من خلال إنجازاته،  
* ثم يبحث عن شريك/ شريكة الحياة التي تفهمه وتسدد إحتياجه للجوع والحب والجنس و..،..
* ثم ينتظر الطفل الذي سيدد إحتياجه للأبوة، او الأمومه ليراه يكبر أمامه ويسدد إحتياحه الأبوي / الأمومي للرعاية والتوجيه
* ثم يتوق لأحفاد فيدفع أولاده للإرتباط حتى يسددوا له إحتياجه (ضمنيا) بأن يكون جد / أو تكون جده  ..

ثم تتوقف الحياة في صمت قاتل وفراغ رهيب وشعور بالخواء الداخلي ... شاعرا بأن عجلة الحياة السريعة قد أفرمته وحطمته بين تروس متطلباتها حتى أنه يخشى أنه لا يعرف كيف يجلس مع نفسه لانه لم يتقابل قط معها ولم يعرفها ...  شاعرا بأنه واحدا وسط ملايين من البشر الذين سيقوا في طاحونة الحياة .. لأن هذه هي سنة الحياة والجميع يفعل ذلك (مثلما تفكر هي او هو)...

ليس هناك عيبا من أن تمر بكل هذه المراحل الطبيعية من الحياة ..ولكن العيب هو أن تفعل ذلك فقط لتسديد إحتياجاتك ولان هذه هي عجلة من الحياة ويجب ان تتسابق مع غيرك لكن تبدو وكأنك قد أنجزت كل المتطلبات المجتمعية والحياتية فتبدو ناجحا مكتفيا أمام الأخرين ... بينما أنت بينك وبين نفسك تشعر بشرخ عميق وبإحتياجات أعمق من ذلك لم تسدد بعد.

ما هي هذه الإحتياجات الأهم والأعمق?

* أن تتعرف على الطفل الحقيقي الذي بداخلك : من هو? ما هي شخصيته الحقيقية بعيدا عن كل ما قالوه الأهل والمجتمع والأصدقاء?

* ما الذي يميزني عن كل من حولي ? ما هي موهبي، قدراتي، عيوبي، أحلامي...?
* أيضا أن من إحتياجات الإنسان الهامة جدا: هي الإرتفاع فوق اللذة وتسديد الإحتياجات ..فالإنسان كائن راقي .. يحتاج أن يخرج عن ذاته ليتقابل مع الأخر في محاوله لتحسين وضع الاخر ومساعدته،  ليس بهدف ان يشعر بقيمته ويشعر بالرضا عن ذاته، ولكن لأنه فعلا بيهتم بالأخر .. بيسموها welfare of others 

* الإنسان يحتاج أن يجد لحياته معنى .. معنى لوجوده ..معنى لآلامه .. معنى لعمله، لجوازه، لكل دور يقوم به ..


نعم، أنت لا تحتاج فقط لتسديد إحتياجاتك لتحيا سعيدا راضيا...بل تحتاج قبل كل شئ ان تعرف نفسك وتتصالح معها وترتفع فوقها ( اي فوق كل لذة حسية) لتجد لذة أخرى أكثر سموا وهي ان تمد يدك للبشرية الممزقة من حولك فتشعر بقيمتك ودورك في أنك كائن مميز و فريد .. خلقك إله مبدع ليكون لك دور وتأثير في إصلاح ما قد تم كسره وإفساده بسبب الجهل والشر في العالم .. وهذا الدور لن تستطيع تقديمه إن لم تبدأ في التعرف على نفسك اولا (بصورة مجازية: تتعرف على نفسك وتحبها بصورة صحية وتتزوجها وتربي طفلك الداخلي ليتوقف عن صراخ تلبية الإحتياجات فينضج ويبدأ يستطيع تحمل أعباء ومسئولية الحياة)... عندئذ ستكون إختياراتك ليست بدافع أناني فتحصد نتائج مؤلمه، لكن بدافع شخص مشبع فيحصد نتائج تفرحه وتفرح من حوله.

أنت لست ثور مربوط في ساقيه مغمي العينين تسير مثلما يسير الأخرون ..أنت إنسان ..حر ...مسئول ... لك دور مميز انت وحدك تستطيع ان تقوم به ستسأل عنه عندما تنتهي رحلة حياتك هنا ع الأرض . أشجعك في أن تبدأ رحلة التعرف على ذاتك من الآن ..

👈 (إقتراح لكتاب تقرأه وتفكر فيه: الإنسان يبحث عن معنى / لفيكتور فرانكل)

~ خواطري عن: #المعنى #الوجود #الحياة #العمق #الشبع_الحقيقي #التفرد  ~
@ Jackie.Y.G

No comments:

Post a Comment