روبي بريدجز - قصة مكافحة وقوة محبة وإيمان وسط عالم صاخب ومجنون / حدث بالفعل






الزمان: منتصف خمسينيات القرن العشرين.

المكان: مدينة نيو أورلينز – ولاية لويزيانا- الولايات المتحدة الأمريكية.


في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين كانت العنصرية البغيضة ضد الملونين والسود في أمريكا على أشدها. في ظل تلك الأجواء الملبدة بالغيوم، ولدت الطفلة “روبي بريدجز” في مدينة تيلر بولاية مسيسيبي، وفي سن الرابعة انتقلت مع والديها إلى مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا، وعندما بلغت سن السادسة وحان وقت إلحاقها بالمدرسة، تلقى والدها طلب من الجمعية الوطنية لتقدم الملونين National Association for the Advancement of Colored People (NAACP) للمشاركة في إدماج طفلته في نظام المدارس بنيو أورلينز، وبالرغم من تردده في البداية إلا أن والدها الشجاع استجاب للطلب، ربما تأثرًا بشجاعة “روزا باركس” المناضلة السوداء التي رفضت أن تترك مقعدها في الحافلة ليجلس عليه أحد البيض في ديسمبر 1955، وتم اعتقالها بعد ذلك.

اجتازت بريدجز كل الاختبارات المطلوبة بنجاح، وحكمت المحكمة أن يكون 14 نوفمبر 1960 هو أول الأيام لإلحاق روبي بمدرسة William Frantz Elementary School للملونين.

أثار قرار المحكمة بتنفيذ القانون وإلحاق روبي بالمدرسة ثائرة سكان المدينة البيض، الذين اعتبروها إهانة لا توصف أن يتم إلحاق طفلة سوداء بمدرسة للبيض، وقاموا بمظاهرات يومية عارمة خارج المدرسة، وكانوا يلقون بالبيض وقطع الزجاج لدى دخولها أو خروجها من المدرسة، أثار هذا الأمر ردود فعل غاضبة من قبل جميع أولياء أمور الطلبة الذين كانوا يدرسون في هذه المدرسة وأصروا على سحب أطفالهم من المدرسة، ورفضت السلطات المحلية تقديم الحماية للصبية أثناء توجهها للدراسة.

لكن سيادة القانون كانت فوق كل شيء، فكلف الرئيس أيزنهاور بنفسه ماريشالات فيدرالية لمرافقتها وحمايتها خشية من وقوع اعتداءات عليها من المحتجين البيض في الطريق إلى المدرسة، وفي اليوم الأول للدراسة، أمضت روبي اليوم بأكمله مع مرافقيها من الماريشلات في مكتب مدير المدرسة بسبب الفوضى التي حالت دون انتقالها إلى فصلها، وفي اليوم التالي كسر الوزير “لويد أندرسون فورمان” المقاطعة مع ابنته “بام” ذات الخمس سنوات قائلًا: “أنا ببساطة يشرفني إلحاق ابنتي بالمدرسة”، ولاحقًا بدأت المقاطعة تهدًا نسبيًّا وأعاد أولياء الأمور أبناءهم إلى المدرسة، مع استمرار رفض المدرسين التدريس لـ “روبي”، باستثناء المعلمة Barbara Henry التي أنشأت لها فصلًا خاصًا وتكفلت بالتدريس لها بمفردها لمدة عام كامل.

وبالرغم من تلك المرأة التي ظلت تهدد روبي يوميًّا بوضع السم في طعامها، والمرأة الأخرى التي وضعت دمية طفل أسود في تابوت خشبي لإخافتها، إلا أن روبي ظلت صامدة، وتطوع طبيب الأطفال النفسي د.روبرت كولز بتقديم المشورة النفسية إلى روبي خلال العام الأول لها في المدرسة، كما عانت عائلتها الكثير من قرار إلحاقها بمدرسة للبيض، وفقد والدها عمله كعقاب له، ورفض المتجر الذي اعتادت الأسرة التبضع منه أن يبيع لهم الطعام، وفقد جدها أرضه التي كان يعمل بها بنظام المزارعة، لكن بالرغم من كل ذلك ظلوا صامدين.

وقال المارشال الفيدرالي السابق تشارلز بوركس الذي كان مسئولًا عن حمايتها لاحقًا: “لقد أظهرت روبي الكثير من الشجاعة، لم تبكِ قط، ولم تتذمر، فقط سارت بطول الطريق وكأنها جندي صغير، وقد كنا جميعًا فخورين بها”… ظلت روبي صامدة حتى النهاية، وفي النهاية استسلمت العنصرية البغيضة في أمريكا لقوة القانون الذي رفض أن ينحني أمام الغوغائية والهمجية، لم تستسلم روبي ولم يستسلم القانون.

في 8 يناير 2001، تم منح روبي بريدجز ميدالية المواطنة الرئاسيةPresidential Citizens Medal من قبل الرئيس بيل كلينتون. وفي نوفمبر 2006، تم تكريمها في حفل رابطة مكافحة التشهير ضد الكراهية. وفي 15 يوليو 2011، التقت روبي مع الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض. وفي 19 مايو 2012، تلقت روبي بريدجز درجة فخرية من جامعة تولين في حفل التخرج السنوي. 

وفي عام 2014، تم الكشف عن تمثال لـ “روبي” في ساحة مدرسة وليام فرانتز الابتدائية، وقد خلد أول يوم لها في المدرسة في لوحة زيتية من رسم Norman Rockwell تحت عنوان The Problem We All Live With.

Source: 

No comments:

Post a Comment