ما هو أخطر من مرض السرطان !!




المرض النفسي أشد خطورة من المرض العضوي .. فالمرض العضوي يدفع بالمريض للبحث عن الدواء ... وإذا كان المرض بلا شفاء قد يساعد إيمان المريض ان يتوقع حدوث معجزة ..أو بنضج ووعي يختار أن يتأقلم مع المرض اذا لم يرفعه الله .. وهنا التأقلم مع المرض قد يساعد على تغير شخصية المريض وجعله أكثر نضوجا وحساسية للأخرين..

لكن ما هو أشد خطورة من المرض العضوي هو المرض النفسي ... فكلنا مرضى نفسيين .. كلنا لدينا آفة الدونية بصورة أو بأخرى و بدرجات مختلفة ..فحتى الكبرياء هو وجه العملة الأخر للدونية .. لكن لا خطورة طالما ان الانسان يسعى للتغير وللتعافي مما يعتريه من أمراض وإضطرابات نفسية ... 

بينما السرطان الحقيقي هو عندما يتحد المرض النفسي (الدونية ومشتقاتها) مع المرض الخبيث الذي يدعى "التدين السطحي" .. فإتحاد التركيبتين مع بعض يكون مرض جديد وخبيث يصعب شفاؤه لان في التركيبة الجديدة شريحة عريضة تخدر عمل الضمير وتعطل عمل النعمة في المريض .. 

مرض فتاك لا تقع خطورته وأضراره فقط على حامل المرض، ولكن على من يقترب منه ...خصوصا بدرجة حميمية.. 

في هذا النوع من المرض تجد الأعراض التالية والتي لا يلتفت إليها الدائرة الاوسع في علاقات المريض، بل الدائرة القريبة جدا منه .. فالدائرة الاوسع تراه يتكلم بصورة تبدو ناضجة وملفته وجذابه .. يتكلم بأيات وينادي بمعجزات .. الكل يشهد له ويمتدحه، طريقة ملفته تجعلك تجتذب له وتقع في براثنه، وإذا لم تلتفت ولم يكن لديك الوعي الكافي لأعراض هذا المرض ستجد نفسك تخرج من هذه العلاقة مجروح و مستنزف ومصدوم ومرتبك ومتشكك ... متشكك في قيمك ومبادئك ..متشكك في الناس .. متشكك حتى في نفسك. أليس هذا ما نسمعه مؤخرا يتردد كثيرا على أذاننا يا أحبائي عن اناس تألموا جدا عندما اقتربوا من خدام ووعاظ مشهورين، لكنهم بعدها خرجوا متألمين ومصدومين ?! 

أتعلم لماذا حدث الألم ?لاننا نضع الكثير من امالنا وتوقعاتنا على البشر .. الذين مهما إختلفت اوضاعهم المجتمعية والكنسية هم مازالوا بشر .. تحت الضعف والاضطراب والتشوه نتيجة السقوط .. فنحن هنا لسنا بصدد إدانة الأخرين، لكننا نريد ان نقترب بالعدسة من آفة خطيرة تهدد نسيج مجتمعي (وخصوصا المجتمع الكنسي) لعدم الوعي .. فالمرض إذا إرتدى كساء روحي زاد خطورته لان الناس تشعر بنوع من الهيبة والرهبة تجاه اي شئ له شكل روحاني .. فيصعب إكتشاف المرض من البداية لاننا نعطي كل ثقتنا لهذا الشخص الذي يتكلم من الكتاب..وإذا تشككنا نخرس أصوات تشككنا لاننا نشعر بالذنب تجاه هذه المشاعر التي نظن انه لا يصح ان نشعر بها... 

لذا بنشر الوعي، تقل الصدمات ويقل الألم .. الوعي ضد آفة يحملها اشخاص لا يسعون نحو التغيير لانهم لا يرون حاجة إليه .. ولكنهم بحاجة الى استنارتنا وحذرنا وصلواتنا .. فأنت مسئول عن تغيير نفسك وليس عن تغيير الاخرين

الان لنذكر بعض الأمثلة السريعة لأعراض هذا المرض المركب (الدونية + التدين الشكلي) .. وسأجعل صورة هذه الامثلة تأخذ شكل علاقة خطوبة بين خادم وخادمة لانها اقرب علاقة يمكن ان تسلط الضوء على بعض السلوكيات:

1 - التسلط والتحكم Controlling: 
نجد هذا الخطيب يستخدم وضعه ليرغم خطيبته (دون ان تدري) لتنفيذ رغباته .. فالدونية ترغمه ان يتجه للتحكم والتسلط عليه حتى يعوض ما يشعر به بدونية مؤلمة .. مثال: إذا لم تفعلي و تقولي ما يطلبه منك تجديه يغضب ويقول لكي انه تألم منك لانك لا تثبتي له انك تحبيه .. تجديه لا يحترم جدولك (اوقات نومك، شغلك، دراستك) متحجج انه اذا كان هناك علاقة فلابد ان تعدلي من جدولك ليتناسب مع جدوله هو ، واذا رغبتي بأوقات خلوة او هدوء تجديه يرسل لك رسائل حب بحجة انه يفتقدك ..!

2- الحساسية الزائدة وسرعة الإنجراح Vulnerability: 
بدون أي مقدمات ..ووسط حواركم اللطيف تجديه يتحول فجأة .وقد يمتنع ان يكمل الحوار لانه تضايق من كلمة قلتيها لم تعجبه .. حتى لو كانت كلمة عادية .. فذاته المجروحة والملتهبة من جراء التشوهات لا تحتمل اي تعليق لو لوم أو نقد منك او اي كلمة عادية منك لكنها لمست جزء مجروح او مشوه فيه... طبعا هذا ينهكك لانه يجعلك تمشين على قشر بيض.. تخافين من اي كلمة تقوليها، او اي تصرف قد لا يعجبه 

3- التضليل Confusing: 
كثيرا ما اصبحنا نرى خدام (او خادمات) يقولون "اشتهي ان ارتبط بإمرأة بحسب قلب الله" ..ولكن السؤال : هل انت بحسب قلب الله? 

إحذري 
إحذري ممن يقول لكي هذه العبارة فتظنيه أنه هو رجل الله .. فحامل هذا المرض قد يستخدم كلمات من الكتاب المقدس ليعطي لنفسه هالة من القداسة والتقوى التي تغطي الهشاشة والفراغ والخواء الذي يعاني منه داخليا .. فوراء هذه العبارة المستخدمة "إمرأة بحسب قلب الله" قد تكمن دوافع أنانية من شخص يريد ان يمتلك إمرأة (نعم يمتلك) قلبها من دهب .. تعامله بحب وبذل وبمخافة وخضوع .. فهو يبحث عن المثاليه التي ستحتمل شعوره بالنقص .. يريد شخص مثالي يحتمل تخبطاته التي لا يستطيه هو نفسه ان يحتملها، لذا يهرع الى تكوين علاقات تسدد إحتياجاته .. 

مثال اخر : ان تجد الخطيب (او الخطيبة) يقول مثلا : لقد صليت وتأكدت من الله انكي انتي الانسانة التي من يده لي !! وقد يمر الوقت وتفسخ العلاقة ويخرج الطرف الاخر مشوش ومصدوم قائلا: "ألم يقل لي ان الله كان موافق ومبارك هذه العلاقة? ماذا حدث ?!!" ، تارة أخرى تجديه يتكلم معكي عن ضرورة خضوع المرأة للرجل (وان كان الكتاب يتكلم عن خضوع الزوجه لرجلها !!) حتى يمارس معكي التسلط ولكن تحت ستار آيات من الكتاب .. فتشعري بالحيرة والتخبط بين رغبتك في ممارسة حريتك ( تعترضي، تختلفي معه..إلخ)، وبين تشكك انك ربما لم تبذلي ذاتك وتتنازلي لأجله بصورة كافية لتوصلي له محبتك !!

وكلما تقترب اكثر تجد انه في الحقيقة لا يسعى للقداسة ولا يسلك بالوصايا .. هذه فقط القشرة الخارجية أمام المجتمع الخارجي ..إنما في الحقيقة هو يعتمد كل الاعتماد على قدراته ..ويهتم كل الاهتمام بكرامته وصورته امام الأخرين .. فلا مانع من وجود بعض التعديات ..طالما انه يرى ان الله مبارك هذه العلاقة ..بل وربما يقول ان الله بنفسه مبارك هذه التجاوزات المحدودة التي لا تضر أحدا !! 

وربما بعد اهانتك وغضبه عليكي تجديه يعتذر ويطلب غفرانك .. فتقعي في حيرة بين عدم شعورك بالارتياح وبين محاولتك لتبرير تجاوزاته معكي انه انسان وكلنا غير كاملين وبنغلط ..أهو نصبر عليه ومسيره يتغير !! وعندما تغفري وتتجاوزي هذه المرحلة تجديه ينفعل ويخطئ في حقك مرة اخرى ، ليس هذا فقط ..ولكن :

4-  يغير الحقائق Twisting facts: 
بعد ان كان بيعتذر، تجدي نوبة من الغضب والاتهامات انكي السبب في كل مشكلة او سوء تفاهم، وانكي تقولين أمور لا تحدث وكلمات لم يتفوه بها، وتصيري انتي الملامة في كل شئ، بينما هو الخادم التقي المشهود له من الجميع.. الذي لا يمكن ان يخطئ ولا يمكن أن يصنع اي تجاوزات ...وطبعا هذا يربكك اكثر ويجعلك تتشككين فيما قاله او فيما فعله معكي في مواقف فعلا آلمتك، وربما من دافع المحبة والروحانية تقولين لنفسك: يمكن انا اللي فهمت غلط ، او: يجعلك تسجلين كل رسالة ترسلينها له ..مما يجعل العلاقة تأخذ شكل مسئ ومنهك للغاية 

إحذر .. إحذري .. هذه جزء من العلامات الكثيرة التي تدل على أن الشخص الذي تحاولي الاقتراب منه هو شخص مسئ لكي / او لك .. هذه العلامات تقول انكي في علاقة مسيئة Abusive relationship .. مسيئة روحيا.. نفسيا ..وجسديا .. حتى وان كان المسئ (هنا اسميه المريض) يفعل كل هذا عن جهل وعدم وعي لصراعاته الداخلية ..لانه رافض من الأساس أي شعاع من النور يدخل غرفه المظلمة.. لأنه لا يحتمل رؤية حشرات النقص ورثاء الذات ..إلخ. تزحف فيها 

إحذر ... لا تتشككي /تتشكك في العلامات التي تراها وتكذب نفسك .. أخرج فورا من اي علاقة من هذا النوع ... فالشخص الذي يحتمي في ثوب الروحانية بينما هو لا يعترف بضعفاته الإنسانية سيمتص ويدمر كل طاقاتك بل وحريتك .. ستجد نفسك حبيسا ومآسورا لتنفيذ رغباته، فلن يقدرك مهما فعلت او بذلت، حتى وان كنت صاحب شخصية قوية ستجد نفسك تنزلق تدريجيا في وحل الخضوع الذي عاجلا ام آجلا سيمحو شخصيتك نتيجة الجهل وعدم الوعي بكل هذه التكتيكات النفسية المحبكة والمعقدة والتي يتدمر نفسيتك تدريجيا .. بل وبرضاك دون ان تدرك ذلك !!!

إحذر .. فإذا لم تواجه مشاكلك الداخلية بأمانة وبوعي وبرغبة صادقة في التغيير (من خلال الدراسة وطلب المساعدة)، ستجد نفسك واقع في فخ العصاب (المرض النفسي الذي سيعيقك عن الاستمتاع بحياتك) وفي فخ البر الذاتي والرياء (آفة روحية خطيرة) .. وستعاني كل حياتك من علاقات مضطربة وغير حميمية .. ربما سيكون لديك قاعدة عريضة من المعجبين..ولكن لن يكون لديك محبين قريبين حقيقيين ...ستجد نفسك تلجأ دائما لعلاقات كثيرة ومتشعبة وواسعة لانك ببساطة لا تستطيع ان تقضي وقت تقيم فيها علاقة صادقه مع نفسك لانك لا تتحمل مواجهة ضعفاتك.. ولكن بهروبك من اهم علاقة في حياتك (علاقتك مع نفسك) ستجعل التشوهات والجروحات تزحف من حياتك إلى حياة من حولك عندما تتسبب في جرحهم وإيلامهم. 

في النهاية أقول:
1- التدين السطحي + مشاكل نفسية معلقة ولا نواجهها = علاقات مسيئة
2- لا تسمح لأحد أن يسيطر عليك ولو بطريقة غير مباشرة بأن يحرك مشاعرك فتؤثر بدورها على عقلك وتفكيرك المنطقي.
3- لاتوجد علاقة حقيقية مع الله دون أن تقودك هذه العلاقة إلى مواجهة نفسك والنمو في معرفتها وإلى التغيير .... 
4- نحن جميعا بشر ساقطين .. نعم مفديين ولكن في طور التغيير .. فلا تتوقع الكمال والمثالية من اي شخص مهما كانت يبدو لك او للجميع ذو قامة روحية عالية. فكلنا لدينا ضعفات واذا لم تنتبه لهذه الحقيقة ستتخبط وتتألم من كثرة الصدمات.

وليسند الرب جميعنا. 
إنشرها لنشر التوعية وكسر حاجز الخوف والرهبة ..

@Jackie .Y.G

No comments:

Post a Comment